التفاحة التي قضمها العالم .. ماتت
هذا الصباح أول ما فتحت عيناي ..
أخذت الايفون لأرى كم الساعة ..
لأقرأ رسالة من تطبيق ايفون اسلام ..
يقول :
” خبر عاجل : توفي ستيف جوبز “
في البداية أحسست بضيق شديد ..
فهذه الشخصية التي جعلت من العالم عالم آخر !
شخصية تحدث عنها الآلاف !
ولست بصدد الحديث عن أعمالها وسيرة حياتها ..
ولكن هناك دروس خلدها ستيف جوبز في حياته
علينا أن نعتبر بها ونفهمها ونطبقها بشكل صحيح ..
” اخفضوا الصوت – هناك موسيقى “
ابق جائعاً .. ابق أحمقاً ..
هذه الكلمات رأيتها أكثر من مرة ..
لقد لامست أشياء عميقة في داخلي !
،
وككل البدايات كانت ضعيفة ومتواضعة جداً ..
ولا زلت أذكر قبل ما يقارب الخمسة عشرة عاماً ..
أنني كنت أرى شعار آبل وهو يضيء وينطفأ بألوان ذابلة
حينما نخرج من أحد الأنفاق في مدينة الرياض
وها هو الآن يضيء بين أيدينا
،
حقاً من كان يتخيل قبل سنوات !
أن هناك من سيزعزع عرش مايكروسوفت
والتي جعلت من مالكها أغنى رجل بالعالم
ومن كان يتوقع أيضاً أن العالم سيتخلى عن هواتف نوكيا الخلوية !
التي تغلغلت في جيوب الناس بشكل يفوق الخيال !
بكل بساطة ..
إنه ستيف جوبز يا ساده !
،
لقد ضرب ستيف في حياته أعلى مظاهر البساطة والتواضع
فلم يتبختر بأزياء مزركشة
ولم ينساق وراء عالم الموضة الغير منتهي ..
على الرغم أنه من أثرياء العالم
ولكنه بقي بزيه الموحد في أهم أيام آبل السنوية ..
لعله بذلك يعطي رسالة للعالم أجمع ..
أن العبرة ليست بالمظاهر ولكنها بالجوهر والعقل ..
،
كل ما قرأنا أو سمعنا هذا الاسم ..
يتبادر لأذهاننا شخصية متواضعة ذات ابتسامة جميلة وملامح بسيطة ..
لقد عانى هذا الرجل بينما هو في أوج نجاحاته ..
من أشد أنواع السرطانات فتكاً بالبشر !
ولكنه لم ينثني تحت وطأه الإحباط واليأس ..
ولقد علم في قراره نفسه أنه لن يعيش طويلاً ..
وأن أيامه في هذا العالم باتت معدودة ..
ولكنه أصر على الإنجاز والعمل ..
ولم يستقيل إلا قبل شهر من الآن ..
حتى يطمئن على سير شركته وفتاة أحلامه
ولعل هذه من دروسه العظيمة التي قالها لنا ..
دون حتى أن ينطق بها !
،
لقد رحل ستيف جوبز وسنرحل نحن أيضاً ..
لكن يا تُرى ما هو الأثر الذي سنصنعه ..
هل سيحزن عليك العالم أجمع ؟!
وهل ستمدع أعينهم على فراقك ؟
هل سيضع اسمك قوقل في صفحته الرئيسية ؟
وهل ستخلد ذكراك في كل بيت ؟،
هذه الأسئلة أرسلها لنا ستيف جوبز قبل وفاته
ليقول لنا هذا هو الطريق وهذه هي الوسيلة
انطلقوا إلى العمل ،،
فليس هناك أحد سيبقى مخلداً على هذه الأرض !،
عصام
التفاحة قضمت "ستيف جوبز"!
ردحذفيقول خبراء الإعلام بأن الخبر المثير ليس أن كلبًا عض رجلاً، بل إن رجلاً عض كلبًا. وفي الإعلام الرياضي ليس أن "ميسي" لاعب برشلونة أحرز هدفًا، بل إنه لعب مباراة ولم يسجل. وفي عالم الأعمال، لا يكون الخبر أن يظهر "ستيف جوبز" على أغلفة كل المجلات العالمية وصفحاتها الأولى، بل يكون الخبر "ألا يظهر." ومع وفاة "جوبز" ليس الخبر: "ستيف جوبز قضم التفاحة"، بل: "التفاحة قضمت ستيف جوبز"!
قضيت الأسبوع الماضي أقرأ عن "ستيف"، ولأنني لست شغوفًا بتقنيات الاتصالات والمعلومات، فقد كانت علاقتي بشركة "أبل" ومنتجاتها ضعيفة. ففي عام 2005 دعت جامعة "ستانفورد" السيد "جوبز" ليلقي خطاب تخريج طلابها؛ فقال لكل طالب: "بما أن حياتك في الدنيا قصيرة، فلا تعش في جلباب الآخرين. لا تعش على فتات أفكار الآخرين. لا تدع ضجيج آرائهم يطغى على صوتك الداخلي. امتلك الشجاعة واتبع هواك وقلبك وحدسك. أنت تعرف من تريد أن تكون، وما عدا ذلك هامشي وثانوي."
أخذت بنصيحة "جوبز" وظللت خارج جلباب "أبل" ولم أتابع موضات الموبايلات، خاصة أن تطبيقات "أبل" تأتي أغلى من منافساتها، وهي متخمة بالتطبيقات. ومع وفاة مؤسسها، قررت "أبل" إضافة حرف "س" لاسم النسخة الرابعة من جهازها "آيفون" لتخلد اسمه كصاحب أكبر اختراعات تقنية المعلومات في التاريخ. هناك من يرى أن قيمة "جوبز" تضاهي قيمة "توماس أديسون"، و "هنري فورد". ومع إضافة الحرف الأول من اسمه إلى الطراز الجديد، وبعد قراءة خلاصة كتاب: "أسرار ستيف جوبز في الابتكار" قررت شراء "آيفون إس" للذكرى، وربما للاستخدام، إذا ما واتاني الصبر لأعرف تطبيقاته وأكتشف مميزاته.
هناك من وضعوا الفن في خدمة التقنية، وهناك من وضعوا التقنية في خدمة الفن. "جوبز" جعل الفن والتقنية يخدمان بعضهما بعضًا. وهناك من أحدثوا ثورة أو ثورات في صناعتهم، لكنه أحدث ثورات شملت ست صناعات هي: الحاسبات الشخصية، أفلام الكرتون، الموسيقى، الهواتف النقالة، النشر الإلكتروني، وتجارة التجزئة.
ولد "ستيف جوبز" لأب سوري وأم أوروبية في "أمريكا"، وعاش بالتبني لا يعرف اسمه الحقيقي ولا أصله وفصله. وتبنت أسرة ثانية أخته، فحملت اسمًا ثالثًا لا يمت للأصل ولا للفرع بصلة. ترك الجامعة مع أول فصل دراسي، فكان أعظم من خاطب وخرج ووظف وعلم حملة الدكتوراه ومن علموهم. صار مليونيرًا في الحادية والعشرين، وأفلس في الثلاثين، وصار مليارديرًا في الأربعين. كل منا يريد تفاحته كاملة، أما هو فقضم منها قضمة واحدة، وتركها لنا وأودعها في كتب الفن وموسوعات التقنية وذاكرة الحضارة.
لا أبكي كثيرا على الذين يموتون؛ لكن بكيت على أبي، و"أمل دنقل"، و"محمد الدرة"، و"محمود درويش"، و "ستيف جوبز." كان لا بد أن أقرأ سيرته لأعرفه، فالرجل الصعب لا يفضي بأسراره بسهولة.
منذ عام 1982 وحتى عام 2010 احتلت صورته غلاف مجلة "تايم" 6 مرات. وهذا رقم قياسي قد لا يتكرر. وظهرت للمرة السابعة وربما الأخيرة ناقلة خبر وفاته، وموشحة بالسواد. فكان الخبر المهم الذي بثه الإعلام العالمي عن رجل لم يحمل شهادات جامعية، وأسس وقاد أكبر شركة في العالم هو: "لا مزيد من الأخبار عن "ستيف جوبز."
نسيم الصمادي
www.edara.com